كنوز مدفونة في أروقة المستشفيات
كنوز مدفونة في أروقة المستشفيات
المهنة التي لايوجد لها ليل ، ولا يوجد لها نهار ، ولا يوجد لها ساحل ولا مينا ، فيها أنت لست ملك لنفسك ، ولاملك لأهلك فعندما تصبح طبيباً ،فأنت ملك ضميرك وإنسانيتك فقط ، فضميرك لايكف عن السكوت حتى أثناء نومك ،لك نصف عائلة ، نصف أصدقاء َونصف حياة اجتماعية ، النصف من كل شي ، هذا ماقالته لي صديقتي الطبيبة التي أفخر بها ويفخر بها الجميع .
عندما جئتُ إليها معاتبة ، وتوقفت عن عتبي بعدما رأيتها تسرد معاناتها ، وتسرد معاناة الطبيب السعودي على وجه الخصوص فتقول:ياصديقتي نحن نعاني فقد ضاعت هيبة الطب والأطباء ،نعاني سوء احترام المرضى لنا، وتعالِمَهم علينا وعدم ثقتهم بنا نحن أبناء الوطن ، وتفضليهم لغيرنا من الجنسيات الأخرى ،فنحن لانقلل من أهميتهم ،فهم أخوةً لنا وزملاء ،وكل مايقومون به نحن أيضاً نقوم به .
فلا نبخسهم حقهم ،ولايبخسون حقنا ،فضلاً عن ساعات المناوبات التي يقضيها الأطباء ، والتي قد تصل إلى (30) ساعة من السهر والتعب، ليأتي مريض ويلقي بأبشع الألفاظ ويصف الأطباء بالمهملين والمتهاونين ، وهو يجهل أن هذا الطبيب زاره سيل من المرضى ، وهناك حالات تستدعي لتفكير والتحليل لاتنتهي بمجرد خروجها ، فالطبيب بشر مثلك لايختلف عنك ،هل تعلمين أن أحياناً كثيرة نعمل دون أن تحسب لنا حتى أي ساعة إضافية ! وأزد على ذلك ساعات من البحث والإطلاع ، والسفر فأنت في رحلة تطوير وتعلم مستمر ،لاتنتهي إلا بتقاعدك .
هنا توقفت صديقتي وهي تخرج آهه بعمق ألمها وكأنها تلقي بوجعها لي ، ثم استطردت حديثها وهي تقول : لماذا يهمش الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي معاناة الأطباء مع المرضى واختراقهم حرماتنا ؟ لماذا يتهافتون بالأخطاء الطبية ،ويشيحون بوجوههم عن إنجازات الأطباء السعوديون المبهرين ؟ فهم كنوز مدفونة في أروقة مستشفياتنا ، خَلدوا إنجازاتهم ، وطننا يزخر بالكثير من المبدعين والمنجزين ، فلنحفظ لهم حقوقهم ،ونفخر ونوثق نجاحاتهم.
بقلم: بسمة إبراهيم السبيت